سورة الزمر - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)}
{وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين} اللام هنا يجوز أن تكون زائدة أو للتعليل ويكون المفعول على هذا محذوف، فإن قيل: كيف عطف أمرت على أمرت والمعنى واحد؟ فالجواب أن الأول أمر بالعبادة والإخلاص والثاني أمر بالسبق إلى الإسلام فهما معنيان اثنيان وكذلك قوله: {قُلِ الله أَعْبُدُ} ليس تكراراً لقوله: {أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله}، لأن الأول إخبار بأنه مأمور بالعبادة الثاني إخبار بإنه يفعل العبادة. وقدم اسم الله تعالى للحصر واختصاص العباده به وحده {فاعبدوا مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ} هذا تهديد ومبالغة في الخذلان والتخلية لهم على ما هم عليه {ظُلَلٌ} جمع ظلة بالضم، وهو ما غشي من فوق كالسقف، فقوله: {مِّن فَوْقِهِمْ} بيّن وأما {وَمِن تَحْتِهِمْ} فسماه ظلة لأنه سقف لمن تحتهم؛ فإن جهنم طبقات وقيل: سماه ظله لأنه يلتهب ويصعد من أسفلهم إلى فوقهم.


{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)}
{والذين اجتنبوا الطاغوت أَن يَعْبُدُوهَا} قيل: إنها نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وطلحة والزبير، إذ دعاهم أبو بكر الصديق إلى الإيمان فآمنوا، وقيل: نزلت في أبي ذر وسلمان، وهذا ضعيف، لأن سلمان إنما أسلم بالمدينة والآية مكية والأظهر أنها عامة، والطاغوت كل ما عبد من دون الله، وقيل: الشياطين.


{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)}
{الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} قيل: يستمعون القول على العموم فيتبعون القرآن، لأنه أحسن الكلام وقيل: يستمعون القرآن فيتبعون بأعمالهم أحسنه من العفو الذي هو أحسن من الانتصار، وشبه ذلك وقيل: هو الذي يستمع حديثاً فيه حسن وقبيح فيتحدّث بالحسن ويكف عما سواه، وهذا قول ابن عباس، وهو الأظهر وقال ابن عطية: هو علم في جميع الأقوال؛ والقصد الثناء على هؤلاء ببصائر ونظر سديد يفرقون به بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ، فيتبعون الأحسن من ذلك، وقال الزمخشري مثل هذا يكون الكلام جملة واحدة تقديره: أفمن حق عليه كلمة العذاب أأنت تنقذه، فموضع من في النار موضع المضمر، والهمزة في قوله: {أَفَأَنتَ} هي الهمزة التي في قوله: {أَفَمَنْ} وهي همزة الإنكار كررّت للتأكيد، والثاني أن يكون التقدير أفمن حق عليه العذاب تتأسف عليه، فحذف الخير ثم استأنف قوله: {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النار}؟ وعلى هذا يوقف على العذاب، والأول أرجح لعدم الإضمار.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8